وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ حَابِطٌ لَا يَنْفَعُ صَاحِبَهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَكُلُّ عَمَلٍ لَا يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهَهُ إمَّا أَلَّا يَنْفَعَ بِحَالٍ وَإِمَّا أَنْ يَنْفَعَ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ مَنْفَعَتُهُ فِي الْآخِرَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِنُصُوصِ الْمُرْسَلِينَ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَنْفَعُ الْإِنْسَانَ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ. وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ لَذَّاتٌ وَسُرُورٌ وَقَدْ يُجْزَى بِأَعْمَالِهِ فِي الدُّنْيَا لَكِنَّ تِلْكَ اللَّذَّاتِ إذَا كَانَتْ تَعْقُبُ ضَرَرًا أَعْظَمَ مِنْهَا وَتُفَوِّتُ أَنْفَعَ مِنْهَا وَأَبْقَى فَهِيَ بَاطِلَةٌ أَيْضًا فَثَبَتَ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ لَذَّةٌ مَا. وَأَمَّا الْكَائِنَاتُ فَقَدْ كَانَتْ مَعْدُومَةً مُنْتَفِيَةً فَثَبَتَ أَنَّ أَصْدَقَ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيَدٍ: " أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ " وَكَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ قَوْلُ لَبِيَدٍ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ} وَإِنَّهَا تَجْمَعُ الْحَقَّ الْمَوْجُودَ وَالْحَقَّ الْمَقْصُودَ وَكُلُّ مَوْجُودٍ بِدُونِ اللَّهِ بَاطِلٌ وَكُلُّ مَقْصُودٍ بِدُونِ قَصْدِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَعَلَى هَذَيْنِ فَقَدْ فُسِّرَ قَوْلُهُ {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ} إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ مَعْدُومٌ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ. هَذَا عَلَى قَوْلٍ وَأَمَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَبِهِ فَسَّرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد رَحِمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute