للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَثِيرٍ مِنْ السَّالِكِينَ مِنْ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْقَدَرِ الْمُعَارِضِ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَدْفَعَ مَا قَدَرَ مِنْ الْمَعَاصِي بِمَا يَقْدِرُ مِنْ الطَّاعَةِ فَهُوَ مُنَازِعٌ لِلْمَقْدُورِ الْمَحْظُورِ بِالْمَقْدُورِ الْمَأْمُورِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ الْأَوَّلِينَ والآخرين مِنْ الرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -. وَمِمَّنْ يُشْبِهُ هَؤُلَاءِ كَثِيرٌ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ: كَقَوْلِ ابْنِ سِينَا بِأَنْ يَشْهَدَ سِرُّ الْقَدَرِ. وَالرَّازِي يُقَرِّرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ جَبْرِيًّا مَحْضًا. وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا الْمَعْنَى دَائِرٌ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنْ الْخَاصَّةِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ فَضْلًا عَنْ الْعَامَّةِ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: الْخَضِرُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْمَلَامُ لِأَنَّهُ كَانَ مُشَاهِدًا لِحَقِيقَةِ الْقَدَرِ. وَمِنْ شُيُوخِ هَؤُلَاءِ مَنْ كَانَ يَقُولُ: لَوْ قَتَلْت سَبْعِينَ نَبِيًّا لَمَا كُنْت مُخْطِئًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بِطَرْدِ قَوْلِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَيَقُولُ: كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَفَعَلَهُ فَلَا مَلَامَ عَلَيْهِ فَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ خَالَفَ غَرَضَ غَيْرِهِ فَذَلِكَ يُنَازِعُهُ وَالْأَقْوَى مِنْهُمَا يُقْمِرُ الْآخَرَ فَأَيُّهُمَا أَعَانَهُ الْقَدَرُ فَهُوَ الْمُصِيبُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ غَالِبٌ وَإِلَّا فَمَا ثَمَّ خَطَأٌ.

وَمِنْ هَؤُلَاءِ " الِاتِّحَادِيَّةُ " الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْوُجُودُ وَاحِدٌ ثُمَّ يَقُولُونَ: