لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْتَفِيَ بِهَا عَنْ سَائِرِ الْقُرْآنِ. فَيُقَالُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ} وَعَدْلُ الشَّيْءِ - بِالْفَتْحِ - يُقَالُ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} فَجَعَلَ الصِّيَامَ عَدْلَ كَفَّارَةٍ وَهُمَا جِنْسَانِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الثَّوَابَ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّ كُلَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْعَبْدُ وَيَلْتَذُّ بِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَمَنْكُوحٍ وَمَشْمُومٍ هُوَ مِنْ الثَّوَابِ وَأَعْلَاهُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا كَانَتْ أَحْوَالُ الدُّنْيَا لِاخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كُلِّهَا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا يَعْدِلُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ فِي الصُّورَةِ كَمَا أَنَّ أَلْفَ دِينَارٍ تَعْدِلُ مِنْ الْفِضَّةِ وَالطَّعَامِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا ثُمَّ مَنْ مَلَكَ الذَّهَبَ فَقَدْ مَلَكَ مَا يَعْدِلُ مِقْدَارَ أَلْفِ دِينَارٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَغْنِي بِذَلِكَ عَنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَالِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ وَقَعَتْ فِي الْقَدْرِ لَا فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ فَكَذَلِكَ ثَوَابُ: ( {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَإِنْ كَانَ يَعْدِلُ ثَوَابَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فِي الْقَدْرِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَأَمَّا سَائِرُ الْقُرْآنِ فَفِيهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعِبَادُ فَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ مُحْتَاجِينَ لِسَائِرِ الْقُرْآنِ وَمُنْتَفِعِينَ بِهِ مَنْفَعَةً لَا تُغْنِي عَنْهَا هَذِهِ السُّورَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ. فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلٍ: وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ هَلْ يَتَفَاضَلُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute