إلَى الْعُمْرَةِ وَالْقَصْرِ. وَقَصْرُ الْعَدَدِ إنَّمَا هُوَ مُعَلَّقٌ بِالسَّفَرِ؛ وَلَكِنْ إذَا اجْتَمَعَ الْخَوْفُ وَالسَّفَرُ أُبِيحَ قَصْرُ الْعَدَدِ وَقَصْرُ الرَّكَعَاتِ {وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَعُمَرُ بَعْدَهُ لَمَّا صَلَّيَا بِمَكَّةَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ} بَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ لِصَلَاتِهِمْ رَكْعَتَيْنِ مُجَرَّدُ كَوْنِهِمْ سَفْرًا فَلِهَذَا الْحُكْمِ تَعَلَّقَ بِالسَّفَرِ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِالْخَوْفِ. فَعُلِمَ أَنَّ قَصْرَ الْعَدَدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خَوْفٌ بِحَالِ. وَكَلَامُ الصَّحَابَةِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا السَّفَرَ قَطْعَ مَسَافَةٍ مَحْدُودَةٍ أَوْ زَمَانٍ مَحْدُودٍ: يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ النَّاسِ بَلْ كَانُوا يُجِيبُونَ بِحَسَبِ حَالِ السَّائِلِ فَمَنْ رَأَوْهُ مُسَافِرًا أَثْبَتُوا لَهُ حُكْمَ السَّفَرِ وَإِلَّا فَلَا.
وَلِهَذَا اخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ فِي مِقْدَارِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. فَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ الثَّوْرِيّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا سَافَرْت يَوْمًا إلَى الْعِشَاءِ فَإِنْ زِدْت فَاقْصُرْ. وَرَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ إلَى الْعَتَمَةِ إلَّا فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ شبيل عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضبعي قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَقْصُرُ إلَى الأيلة؟ قَالَ تَذْهَبُ وَتَجِيءُ فِي يَوْمٍ؟ قُلْت: نَعَمْ. قَالَ: لَا إلَّا يَوْمٌ تَامٌّ. فَهُنَا قَدْ نَهَى أَنْ يَقْصُرَ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمٍ وَهَذِهِ مَسِيرَةُ بَرِيدٍ وَأَذِنَ فِي يَوْمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute