للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوَائِلِ السُّوَرِ وَهِيَ مَعَ حَذْفِ التَّكْرِيرِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَرْفًا. وَحِسَابُهَا فِي الْجُمْلَةِ الْكَثِيرُ سِتُّمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ. وَمِنْ هَذَا أَيْضًا مَا ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَنْزَلَ {الم} قَالَ بَعْضُ الْيَهُودِ: بَقَاءُ هَذِهِ الْمِلَّةِ إحْدَى وَثَلَاثُونَ فَلَمَّا أَنْزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ {الر} و {الم} قَالُوا. خَلَطَ عَلَيْنَا. فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي تُوجَدُ فِي ضَلَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَضَلَالِ الْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ: مُشْتَمِلَةٌ مِنْ هَذَا الْبَاطِلِ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى. وَهَذِهِ الْأُمُورُ وَأَشْبَاهُهَا خَارِجَةٌ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ مُحَرَّمَةٌ فِيهِ؛ فَيَجِبُ إنْكَارُهَا وَالنَّهْيُ عَنْهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ: بِالْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالْيَدِ وَاللِّسَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَهَؤُلَاءِ وَأَشْبَاهُهُمْ أَعْدَاءُ الرُّسُلِ وَسُوسُ الْمِلَلِ. وَلَا يُنْفَقُ الْبَاطِلِ فِي الْوُجُودِ إلَّا بِشَوْبِ مِنْ الْحَقِّ؛ كَمَا أَنَّ أَهْل الْكِتَابِ لَبَّسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ بِسَبَبِ الْحَقِّ الْيَسِيرِ الَّذِي مَعَهُمْ يُضِلُّونَ خَلْقًا كَثِيرًا عَنْ الْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَيَدَّعُونَهُ إلَى الْبَاطِلِ الْكَثِيرِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ. وَكَثِيرًا مَا يُعَارِضُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَنْ لَا يُحْسِنُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَلَا يُقِيمُ الْحُجَّةَ الَّتِي تُدَحِّضُ بَاطِلَهُمْ وَلَا يُبَيِّنُ حُجَّةَ اللَّهِ الَّتِي أَقَامَهَا بِرُسُلِهِ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِتْنَةٌ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا الْبَاطِلِ وَنَحْوَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.