فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لِرِضَا الْمَشَايِخِ وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِمْ. فَهَذَا الْحُكْمُ لَيْسَ هُوَ لِجَمِيعِ الْمَشَايِخِ وَلَا مُخْتَصٌّ بِالْمَشَايِخِ بَلْ كُلُّ مَنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلَّهِ: يَرْضَى مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَيَسْخَطُ مَا يَسْخَطُ اللَّهُ كَانَ اللَّهُ يَرْضَى لِرِضَاهُ وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ. وَمِنْهُ {قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ قَدْ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ صهيب وخباب وَبِلَالٍ وَغَيْرِهِمْ كَلَامٌ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ؛ فَإِنَّهُ مَرَّ بِهِمْ فَقَالُوا: مَا أَخَذَتْ السُّيُوفُ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا. فَقَالَ أَتَقُولُونَ هَذَا لِكَبِيرِ قُرَيْشٍ؟ وَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: لَعَلَّك أَغْضَبْتهمْ يَا أَبَا بَكْرٍ لَئِنْ كُنْت أَغْضَبْتهمْ لَقَدْ أَغْضَبْت رَبَّك أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُمْ: يَا إخْوَانِي أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَك يَا أَبَا بَكْرٍ} . فَهَؤُلَاءِ كَانَ غَضَبُهُمْ لِلَّهِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {يَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute