لَمَّا صَلَّى بِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ ابْتِدَاءً بِالنِّيَّةِ وَلَا السَّلَفُ بَعْدَهُ. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ فِي الْقَصْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى فَرْضِ الْمُسَافِرِ. فَصَارَتْ الْأَقْوَالُ لِلْعُلَمَاءِ فِي اقْتِرَانِ الْفِعْلِ ثَلَاثَةً.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاقْتِرَانُ لَا فِي وَقْتِ الْأُولَى وَلَا الثَّانِيَةِ كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي السَّفَرِ وَجَمْعِ الْمَطَرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ الِاقْتِرَانُ فِي وَقْتِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ فَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ فِي وَقْتِ الْأُولَى اُشْتُرِطَ الْجَمْعُ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْأُولَى فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ لَهَا وَإِنْ أَخَّرَهَا وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ. وَعَلَى هَذَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ فِي وَقْتِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ.
وَالثَّالِثُ: تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ وَهَذَا وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْأُولَى وَأَخَّرَ الثَّانِيَةَ أَثِمَ وَإِنْ كَانَتْ وَقَعَتْ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إذَا أَخَّرَ الْأُولَى إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ الثَّانِيَةَ مَعَهَا فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute