أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُنَازِعُونَهُ فِيمَا يَقُولُهُ وَهُوَ وَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا مِنْ الْفُرُوقِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ يَجِبُ لَهُمْ الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ؛ بِخِلَافِ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا تَجِب طَاعَتُهُمْ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ وَلَا الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ؛ بَلْ يُعْرَضُ أَمْرُهُمْ وَخَبَرُهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَمَا وَافَقَ الْكِتَاب وَالسُّنَّةَ وَجَبَ قَبُولُهُ وَمَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ كَانَ مَرْدُودًا وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَكَانَ مُجْتَهِدًا مَعْذُورًا فِيمَا قَالَهُ لَهُ أَجْرٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ. لَكِنَّهُ إذَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ كَانَ مُخْطِئًا وَكَانَ مِنْ الْخَطَإِ الْمَغْفُورِ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ قَدْ اتَّقَى اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ: حَقَّ تُقَاتِهِ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى؛ وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ أَيْ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute