للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّصَرُّفَ لَمْ يَنْقُلْ الضَّمَانَ؛ بَلْ قَبْضُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ يُجَوِّزُ التَّصَرُّفَ وَلَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ بَيْعُ المقاثي؛ فَإِنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَهَا إلَّا لُقَطَةً لُقَطَةً لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْدُومٍ وَجَعَلُوا هَذَا مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ: إذَا بِيعَتْ بِعُرُوقِهَا كَانَ كَبَيْعِ أَصْلِ الشَّجَرِ مَعَ الثَّمَرِ وَذَلِكَ يَجُوزُ قَبْلَ ظُهُورِ صَلَاحِهِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: {مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ} فَإِذَا اشْتَرَطَ الثَّمَرَ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ وَهُنَا جَازَ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ؛ وَلِهَذَا تَكُونُ خِدْمَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشَّجَرِ هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَقْصُودُ فِي المقاثي هُوَ الثَّمَرُ فَلَا يُقَاسُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ. وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ المقاثي كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَهَذَا أَصَحُّ؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذْ لَا تَتَمَيَّزُ لُقَطَةٌ عَنْ لُقَطَةٍ وَمَا لَا يُبَاعُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ لَا يُنْهَى عَنْ بَيْعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ الَّتِي يُمْكِنُ تَأْخِيرُ بَيْعِهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَلَمْ تَدْخُلْ المقاثي فِي نَهْيِهِ وَلِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَدْخَلُوا ضَمَانَ الْبَسَاتِينِ فِي نَهْيِهِ فَقَالُوا: إذَا ضَمِنَ الْحَدِيقَةَ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا حَتَّى تُثْمِرَ بِشَيْءِ مَعْلُومٍ كَانَ هَذَا بَيْعًا