رَهَقًا} وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ إنْسٌ فَمِنْ جَهْلِهِ وَغَلَطِهِ فَإِنَّ الْإِنْسَ يُؤْنِسُونَ أَيْ يَشْهَدُونَ وَيَرَوْنَ؛ إنَّمَا يَحْتَجِبُ الْإِنْسِيُّ أَحْيَانًا لَا يَكُونُ دَائِمًا مُحْتَجِبًا عَنْ أَبْصَارِ الْإِنْسِ؛ بِخِلَافِ الْجِنِّ فَإِنَّهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ {إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} . وَكَانَ غَيْرَ هَذَا مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكْرَانِ أَنَّ " هُولَاكُو " مَلِكَ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَادَ رَأَى ابْنَ السَّكْرَانِ شَيْخًا مَحْلُوقَ الرَّأْسِ عَلَى صُورَةِ شَيْخٍ مِنْ مَشَايِخِ الدِّينِ وَالطَّرِيقِ آخِذًا بِفَرَسِ هُولَاكُو قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْته أَنْكَرْت هَذَا وَاسْتَعْظَمْت أَنْ يَكُونَ شَيْخٌ مِنْ شُيُوخِ الْمُسْلِمِينَ يَقُودُ فَرَسَ مَلِكِ الْمُشْرِكِينَ لِقَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فَقُلْت: يَا هَذَا أَوْ كَلِمَةٌ نَحْوُ هَذَا فَقَالَ تَأْمُرُ بِأَمْرِ أَوْ قَالَ لَهُ: هَلْ يَفْعَلُ هَذَا بِأَمْرِ أَوْ فَعَلْت هَذَا بِأَمْرِ؟ فَقُلْت: نَعَمْ بِأَمْرِ فَسَكَتَ ابْنُ السَّكْرَانِ وَأَقْنَعَهُ هَذَا الْجَوَابُ وَكَانَ هَذَا لِقِلَّةِ عِلْمِهِ بِالْفُرْقَانِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ وَظَنَّ أَنَّ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الشُّيُوخُ فِي قُلُوبِهِمْ هُوَ مِنْ اللَّهِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ: حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رَبِّي فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ يُنَاجِيهِ وَمَنْ قَالَ: أَخَذْتُمْ عِلْمَكُمْ مَيِّتًا عَنْ مَيِّتٍ وَأَخَذْنَا عِلْمَنَا عَنْ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ هُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا أَضَلُّ مِمَّنْ ادَّعَى الِاسْتِغْنَاءَ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى وَاسِطَتِهِمْ. وَجَوَابُ هَذَا أَنْ يُقَالَ لَهُ: بِأَمْرِ مَنْ تَأْمُرُ؟ فَإِنْ قَالَ: بِأَمْرِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute