للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ؛ قَالُوا: إنَّ مَنْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَمَنْ حَلَفَ بِذَلِكَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَفْسِهِ. وَطَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: إنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَأَكَابِرِ التَّابِعِينَ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ بَلْ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَأَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بِخِلَافِهِ فَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِهَذَا كَانَ مَنْ هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ يَقُولُ: الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَيَجْعَلُهُ يَمِينًا فِيهِ الْكَفَّارَةُ. وَهَذَا بِخِلَافِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَقَعَ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ بَلْ لَا كَفَّارَةَ فِي الْإِيقَاعِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ خَاصَّةً فِي الْحَلِفِ. فَإِذَا تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَسْأَلَةٍ وَجَبَ رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ كَقَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ بِذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي قَوْله تَعَالَى {إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} وَذَكَرَ حُكْمَ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ حَلَفَ