للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدَرَ عَلَيْهِ لَكِنْ لِخَشْيَتِهِ وَإِيمَانِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ هَذَا الْجَهْلَ وَالْخَطَأَ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ. وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِقَوْلِهِ: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} إلَى قَوْلِهِ؛ {فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْقُدْرَةِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ وَإِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ قَادِرًا أَيْضًا عَلَى خَلْقِهِ فَالْقُدْرَةُ عَلَى خَلْقِهِ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ عَلَى خَلْقِهِ وَجَاءَ أَيْضًا الْحَدِيثُ مَنْصُوصًا فِي مِثْلِ {قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مَسْعُودٍ لَمَّا رَآهُ يَضْرِبُ عَبْدَهُ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْك مِنْك عَلَى هَذَا} . فَهَذَا فِيهِ بَيَانُ قُدْرَةِ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْهِ مِنْهُ عَلَى عَبْدِهِ وَفِيهِ إثْبَاتُ قُدْرَةِ الْعَبْدِ. وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي " قُدْرَةِ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ " فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كِلَا النَّوْعَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْفِعْلَ الْقَائِمَ بِالْفَاعِلِ وَيَتَنَاوَلُ مَقْدُورَهُ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَبِهِ نَطَقَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْقُدْرَتَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْفِعْلَ الْقَائِمَ بِالْقَادِرِ وَمَقْدُورِهِ الْمُبَايِنِ لَهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ بَعْضُ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ فِي قُدْرَةِ الرَّبِّ. وَأَمَّا قُدْرَةُ الْعَبْدِ: فَذَكَرَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْقَائِمَةِ بِهِ كَثِيرَةٌ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ النَّاسِ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةً مِثْلَ قَوْلِهِ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} . {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ} . الْآيَةَ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِك} .