للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدٌ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ. فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا يَقُولُ لَمْ تَحِلّ لَهُ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَ عَقْلُهُ قَدْ زَالَ بِسَبَبِ غَيْرِ مُحَرَّمٍ؛ وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ زَالَ فَكَيْفَ بِالْمَجْنُونِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ - وَهُوَ يُرْوِي عَنْ الضَّحَّاكِ - لَا تَقْرَبُوهَا وَأَنْتُمْ سُكَارَى مِنْ النَّوْمِ. وَهَذَا إذَا قِيلَ إنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ أَوْ شُمُولِ مَعْنَى اللَّفْظِ الْعَامِّ وَإِلَّا فَلَا رَيْبَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ كَانَ السُّكْرَ مِنْ الْخَمْرِ. وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ؛ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ صَحِيحٌ أَيْضًا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلْيَرْقُدْ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ - وَفِي لَفْظٍ - إذَا قَامَ يُصَلِّي فَنَعَسَ فَلْيَرْقُدْ} . فَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ النُّعَاسِ الَّذِي يَغْلَطُ مَعَهُ النَّاعِسُ. وَقَدْ احْتَجَّ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا عَلَى أَنَّ النُّعَاسَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ إذْ لَوْ نُقِضَ بِذَلِكَ لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ أَوْ لَوَجَبَ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِتَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ} فَعُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ لِمَنْ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ النُّعَاسِ. وَطَرَدَ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يُصَلِّي