فَصْلٌ:
وَمِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ؛ فَلِمَاذَا قَالَ: الْإِسْلَامُ هَذِهِ الْخَمْسُ وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ هَذِهِ أَظْهَرَ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَأَعْظَمُهَا وَبِقِيَامِ الْعَبْدِ بِهَا يَتِمُّ إسْلَامُهُ وَتَرْكُهُ لَهَا يُشْعِرُ بِانْحِلَالِ قَيْدِ انْقِيَادِهِ. وَ " التَّحْقِيقُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدِّينَ الَّذِي هُوَ اسْتِسْلَامُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ مُطْلَقًا الَّذِي يَجِبُ لِلَّهِ عِبَادَةً مَحْضَةً عَلَى الْأَعْيَانِ. فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ لِيَعْبُدَ اللَّهَ بِهَا مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَهَذِهِ هِيَ الْخَمْسُ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَجِبُ بِأَسْبَابِ لِمَصَالِحَ فَلَا يَعُمُّ وُجُوبُهَا جَمِيعَ النَّاسِ؛ بَلْ إمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ إمَارَةٍ وَحُكْمٍ وَفُتْيَا؛ وَإِقْرَاءٍ وَتَحْدِيثٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَإِمَّا أَنْ يَجِبَ بِسَبَبِ حَقٍّ لِلْآدَمِيِّينَ يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ وَجَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ وَقَدْ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ. وَإِذَا حَصَلَتْ الْمَصْلَحَةُ أَوْ الْإِبْرَاءُ إمَّا بِإِبْرَائِهِ وَإِمَّا بِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ فَحُقُوقُ الْعِبَادِ مِثْلُ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَرَدِّ الغصوب وَالْعَوَارِيّ وَالْوَدَائِعِ وَالْإِنْصَافِ مِنْ الْمَظَالِمِ مِنْ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ؛ إنَّمَا هِيَ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ وَإِذَا أُبْرِئُوا مِنْهَا سَقَطَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute