الْمُحْصَنَةِ هِيَ الْعَفِيفَةُ الَّتِي أُحْصِنَ فَرْجُهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} وَهُنَّ الْعَفَائِفُ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةِ … وتصبح غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
ثُمَّ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنَّ الْحُرَّةَ عِنْدَهُمْ لَا تُعْرَفُ بِالزِّنَا؛ وَإِنَّمَا تُعْرَفُ بِالزِّنَا الْإِمَاءُ وَلِهَذَا {لَمَّا بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِنْدَ امْرَأَةَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى أَلَّا تَزْنِيَ قَالَتْ: أَوَتَزْنِي الْحُرَّةُ} فَهَذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ. وَالْحُرَّةُ خِلَافَ الْأَمَةِ صَارَتْ فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ أَنَّ الْحُرَّةَ هِيَ الْعَفِيفَةُ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ أَمَةً كانت مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ بِالْعِفَّةِ وَصَارَ لَفْظُ الْإِحْصَانِ يَتَنَاوَلُ الْحُرِّيَّةَ مَعَ الْعِفَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَاءَ لَمْ تَكُنْ عَفَائِفَ وَكَذَلِكَ الْإِسْلَامُ هُوَ يَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ زَوْجُهَا يُحْصِنُهَا لِأَنَّهَا تَسْتَكْفِي بِهِ وَلِأَنَّهُ يَغَارُ عَلَيْهَا. فَصَارَ لَفْظُ " الْإِحْصَانِ " يَتَنَاوَلُ: الْإِسْلَامَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالنِّكَاحَ. وَأَصْلُهُ إنَّمَا هُوَ الْعِفَّةُ؛ فَإِنَّ الْعَفِيفَةَ هِيَ الَّتِي أُحْصِنَ فَرْجُهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا كَالْمُحْصَنِ الَّذِي يَمْتَنِعُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَإِذَا كَانَ اللَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ " وَالْبَغَايَا " لَسْنَ مُحْصَنَاتٍ: فَلَمْ يُبِحْ اللَّهُ نِكَاحَهُنَّ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} وَالْمُسَافِحُ الزَّانِي الَّذِي يَسْفَحُ مَاءَهُ مَعَ هَذِهِ وَهَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute