للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ. وَمِنْهُ {قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ: أَمَّا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَقَدْ أَتَاهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّهِ} وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَشْهَدُونَ الْقَدَرَ أَوَّلًا وَهِيَ الْحَقِيقَةُ الْكَوْنِيَّةُ وَيَظُنُّونَ أَنَّ غَايَةَ الْعَارِفِ أَنْ يَشْهَدَ الْقَدَرَ وَيَفْنَى عَنْ هَذَا الشُّهُودِ وَذَلِكَ الْمَشْهَدُ لَا تَمْيِيزَ فِيهِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ وَمَحْبُوبَاتِ اللَّهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ. وَقَدْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: الْعَارِفُ شَهِدَ أَوَّلًا الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ ثُمَّ شَهِدَ طَاعَةً بِلَا مَعْصِيَةٍ - يُرِيدُ بِذَلِكَ طَاعَةَ الْقَدَرِ - كَقَوْلِ بَعْضِ شُيُوخِهِمْ: أَنَا كَافِرٌ بِرَبِّ يُعْصَى وَقِيلَ لَهُ عَنْ بَعْضِ الظَّالِمِينَ: هَذَا مَالُهُ حَرَامٌ فَقَالَ: إنْ كَانَ عَصَى الْأَمْرَ فَقَدْ أَطَاعَ الْإِرَادَةَ. ثُمَّ يَنْتَقِلُونَ " إلَى الْمَشْهَدِ الثَّالِثِ " لَا طَاعَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ وَهُوَ مَشْهَدُ أَهْلِ الْوَحْدَةِ الْقَائِلِينَ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ وَهَذَا غَايَةُ إلْحَادِ الْمُبْتَدَعَةِ جهمية الصُّوفِيَّةِ كَمَا أَنَّ الْقَرْمَطَةَ آخِرُ إلْحَادِ الشِّيعَةِ وَكِلَا الْإِلْحَادَيْنِ يَتَقَارَبَانِ. وَفِيهِمَا مِنْ الْكُفْرِ مَا لَيْسَ فِي دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي اسْمِ الْمُؤْمِنِ وَالْإِيمَانِ نِزَاعًا كَثِيرًا، مِنْهُ لَفْظِيٌّ،