إذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْأَصْلُ فَالْإِنْسَانُ فِي هَذَيْنِ الْوَاجِبَيْنِ لَا يَخْلُو مِنْ أَحْوَالٍ أَرْبَعَةٍ هِيَ الْقِسْمَةُ الْمُمْكِنَةُ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا وَإِمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْعِبَادَةِ فَقَطْ وَإِمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالِاسْتِعَانَةِ فَقَطْ وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهُمَا جَمِيعًا. وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ؛ بَلْ أَهْلُ الدِّيَانَاتِ هُمْ أَهْلُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَهُمْ الْمَقْصُودُونَ هُنَا بِالْكَلَامِ. قِسْمٌ يَغْلِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ التَّأَلُّهِ لِلَّهِ وَمُتَابَعَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْإِخْلَاصِ لِلَّهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعُ الشَّرِيعَةِ فِي الْخُضُوعِ لِأَوَامِرِهِ وَزَوَاجِرِهِ وَكَلِمَاتِهِ الْكَوْنِيَّاتِ؛ لَكِنْ يَكُونُ مَنْقُوصًا مِنْ جَانِبِ الِاسْتِعَانَةِ وَالتَّوَكُّلِ فَيَكُونُ إمَّا عَاجِزًا وَإِمَّا مُفَرِّطًا وَهُوَ مَغْلُوبٌ إمَّا مَعَ عَدُوِّهِ الْبَاطِنِ وَإِمَّا مَعَ عَدُوِّهِ الظَّاهِرِ وَرُبَّمَا يَكْثُرُ مِنْهُ الْجَزَعُ مِمَّا يُصِيبُهُ وَالْحُزْنُ لِمَا يَفُوتُهُ وَهَذَا حَالُ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَعْرِفُ شَرِيعَةَ اللَّهِ وَأَمْرَهُ وَيَرَى أَنَّهُ مُتَّبِعٌ لِلشَّرِيعَةِ وَلِلْعِبَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا يَعْرِفُ قَضَاءَهُ وَقَدَرَهُ وَهُوَ حَسَنُ الْقَصْدِ طَالِبٌ لِلْحَقِّ لَكِنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِالسَّبِيلِ الْمُوَصِّلَةِ وَالطَّرِيقِ الْمُفْضِيَةِ. وَقِسْمٌ يَغْلِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الِاسْتِعَانَةِ بِاَللَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَإِظْهَارِ الْفَقْرِ وَالْفَاقَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْخُضُوعِ لِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَكَلِمَاتِهِ الْكَوْنِيَّاتِ؛ لَكِنْ يَكُونُ مَنْقُوصًا مِنْ جَانِبِ الْعِبَادَةِ وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ فَلَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute