للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَخَيْرُهُمْ الَّذِي يَحْكُمُ بِلَا هَوًى وَتَحَرَّى الْعَدْلَ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَحْكُمُونَ بِالْهَوَى وَيُحَابُونَ الْقَوِيَّ وَمَنْ يَرْشُوهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ كَانَتْ الْأَمْصَارُ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَكُونُ فِيهَا مِنْ الْحُكْمِ بِالْعَدْلِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا مِنْ جَعْلِ صَاحِبِ الْحَرْبِ مُتَّبِعًا لِصَاحِبِ الْكِتَابِ مَا لَا يَكُونُ فِي الْأَمْصَارِ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ حَيْثُ يَكُونُ فِي هَذِهِ وَالِي الْحَرْبِ غَيْرَ مُتَّبِعٍ لِصَاحِبِ الْعِلْمِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ} الْآيَةَ فَقِوَامُ الدِّينِ بِكِتَابِ يَهْدِي وَسَيْفٍ يَنْصُرُ {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} .

وَدِينُ الْإِسْلَامِ: أَنْ يَكُونَ السَّيْفُ تَابِعًا لِلْكِتَابِ. فَإِذَا ظَهَرَ الْعِلْمُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَانَ السَّيْفُ تَابِعًا لِذَلِكَ كَانَ أَمْرُ الْإِسْلَامِ قَائِمًا وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ أَوْلَى الْأَمْصَارِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. أَمَّا عَلَى عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَأَمَّا بَعْدَهُمْ فَهُمْ فِي ذَلِكَ أَرْجَح مِنْ غَيْرِهِمْ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعِلْمُ بِالْكِتَابِ فِيهِ تَقْصِيرٌ وَكَانَ السَّيْفُ تَارَةً يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَتَارَةً يُخَالِفُهُ: كَانَ دِينُ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ بِحَسَبِ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَنْ اهْتَدَى إلَيْهَا وَإِلَى أَمْثَالِهَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ أُصُولَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَصَحُّ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ بِمَا لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا.