كَمَا فِي السَّلَمِ؛ وَكَذَلِكَ فِي الْأَعْيَانِ. وَقَدْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ فِي تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ كَمَا كَانَ لِجَابِرِ حِينَ بَاعَ بَعِيرَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَثْنَى ظَهْرَهُ إلَى الْمَدِينَةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ عَاقِدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَا لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَمَا إذَا بَاعَ عَقَارًا وَاسْتَثْنَى سُكْنَاهُ مُدَّةً أَوْ دَوَابَّهُ وَاسْتَثْنَى ظَهْرَهَا أَوْ وَهَبَ مِلْكًا وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ وَاسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةً؛ أَوْ مَا دَامَ السَّيِّدُ أَوْ وَقَفَ عَيْنًا وَاسْتَثْنَى غَلَّتَهَا لِنَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ. وَهَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ قَالَ: لَا بُدَّ إذَا اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ مِنْ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَيْنَ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَأْخُذَهَا لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْفَاسِدِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْقَبْضِ عَقِبَ الْعَقْدِ. وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَالَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إلَّا لِمُدَّةِ تَلِي الْعَقْدَ وَهَؤُلَاءِ نَظَرُوا إلَى مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ أَحْيَانًا جَعَلُوهُ لَازِمًا لَهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ وَهُوَ مِنْ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ. وَعَلَى هَذَا بَنَوْا إذَا بَاعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْبَيْعُ بَاطِلٌ لِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا مُسْتَثْنًى بِالشَّرْعِ بِخِلَافِ الْمُسْتَثْنَى بِالشَّرْطِ. وَلَوْ بَاعَ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ صَحَّ بِاتِّفَاقِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute