للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلِّهِ إنَّك تَمُوتُ فَتُرَدُّ إلَى أَسْفَلَ سَافِلِينَ إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَمَا قَالَ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} . وَهَذَا الرَّدُّ هُوَ بِالْمَوْتِ. فَإِنَّهُ يَصِيرُ فِي أَسْفَلَ سَافِلِينَ إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَمَا قَالَ {كَلَّا إنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} وَقَالَ {إنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} . وَفِي قَوْلِهِ {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} قَوْلَانِ. قِيلَ: الْهَرَمُ. وَقِيلَ: الْعَذَابُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ قَطْعًا. فَإِنَّهُ جَعَلَهُ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ إلَّا الْمُؤْمِنِينَ. وَالنَّاسُ نَوْعَانِ: فَالْكَافِرُ بَعْدَ الْمَوْتِ يُعَذَّبُ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ وَالْمُؤْمِنُ فِي عِلِّيِّينَ. وَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ سِوَى الْمُؤْمِنِينَ يَهْرَمُ فَيُرَدُّ إلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ. بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الْكُفَّارِ يَمُوتُ قَبْلَ الْهَرَمِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَهْرَمُ وَإِنْ كَانَ حَالُ الْمُؤْمِنِ فِي الْهَرَمِ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْكَافِرِ فَكَذَلِكَ فِي الشَّبَابِ حَالُ الْمُؤْمِنِ أَحْسَنُ مِنْ حَالِ الْكَافِرِ فَجُعِلَ الرَّدُّ إلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ فِي آخِرِ الْعُمُرِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْكُفَّارِ ضَعِيفٌ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَيْضًا