للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} فَإِنَّ شَهَادَتَهُ بِمَا أَنْزَلَ إلَيْهِ هِيَ شَهَادَتُهُ بِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ فَمَا فِيهِ مِنْ الْخَبَرِ هُوَ خَبَرٌ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ لَيْسَ خَبَرًا عَمَّنْ دُونَهُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} وَلَيْسَ مَعْنَى مُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَنْزَلَهُ أَنَّهُ هُوَ مَعْلُومٌ لَهُ فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ مَعْلُومَةٌ لَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ؛ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنْزَلَهُ فِيهِ عِلْمُهُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يَتَكَلَّمُ بِعِلْمِ وَيَقُولُ بِعِلْمِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ كَمَا قَالَ: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وَلَمْ يَقُلْ تَكَلَّمَ بِهِ بِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَضَمَّنُ نُزُولَهُ إلَى الْأَرْضِ. فَإِذَا قَالَ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} تَضَمَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ إلَى الْأَرْضِ فِيهِ عِلْمُ اللَّهِ كَمَا قَالَ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ نَفْسِهِ مِنْهُ نَزَلَ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَا يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِ اللَّهِ مِنْ الْعِلْمِ - وَنَفْسُهُ هِيَ ذَاتُهُ