للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَحَضَّ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَفِقْهِهِ وَعَقْلِهِ وَالتَّذَكُّرِ بِهِ وَالتَّفَكُّرِ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ بَلْ نُصُوصٌ مُتَعَدِّدَةٌ تُصَرِّحُ بِالْعُمُومِ فِيهِ مِثْلَ قَوْلِهِ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وَقَوْلِهِ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَفْيَ الِاخْتِلَافِ عَنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَدَبُّرِهِ كُلِّهِ وَإِلَّا فَتَدَبُّرُ بَعْضِهِ لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِنَفْيِ مُخَالِفِهِ مَا لَمْ يَتَدَبَّرْ لِمَا تَدَبَّرَ. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ: هَلْ تَرَكَ عِنْدَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لَا وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إلَّا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَبْدًا فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. فَأَخْبَرَ أَنَّ الْفَهْمَ فِيهِ مُخْتَلِفٌ فِي الْأُمَّةِ وَالْفَهْمُ أَخَصُّ مِنْ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {رُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ} وَقَالَ {بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً} . وَأَيْضًا فَالسَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ الْأُمَّةِ قَدْ تَكَلَّمُوا فِي جَمِيعِ نُصُوصِ الْقُرْآنِ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا وَفَسَّرُوهَا بِمَا يُوَافِقُ دَلَالَتَهَا وَبَيَانَهَا وَرَوَوْا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً تُوَافِقُ الْقُرْآنَ وَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي كَانَ يَقُولُ: لَوْ أَعْلَمُ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ آبَاطُ الْإِبِلِ لَأَتَيْته. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ الَّذِي دَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ