للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَكَذَا لِلنَّاسِ قَوْلَانِ فِيمَا فَعَلَهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْقَصْدِ، هَلْ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ مُبَاحَةٌ فَقَطْ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ كَمَا قَدْ بُسِطَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ابْنُ عُمَرَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ يَقْصِدُونَ الْأَمَاكِنَ الَّتِي كَانَ يَنْزِلُ فِيهَا وَيَبِيتُ فِيهَا مِثْلَ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ وَمِثْلَ مَوَاضِعِ نُزُولِهِ فِي مَغَازِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْكَلَامُ فِي مُشَابَهَتِهِ فِي صُورَةِ الْفِعْلِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَمْ يَقْصِدْ التَّعَبُّدَ بِهِ فَأَمَّا الْأَمْكِنَةُ نَفْسُهَا فَالصَّحَابَةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَظَّمُ مِنْهَا إلَّا مَا عَظَّمَهُ الشَّارِعُ.

فَصْلٌ:

وَأَهْلُ " الْعِبَادَاتِ الْبِدْعِيَّةِ " يُزَيِّنُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ وَيُبَغِّضُ إلَيْهِمْ السُّبُلَ الشَّرْعِيَّةَ حَتَّى يُبَغِّضَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فَلَا يُحِبُّونَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَلَا ذِكْرَهُ وَقَدْ يُبَغِّضُ إلَيْهِمْ حَتَّى الْكِتَابَ فَلَا يُحِبُّونَ كِتَابًا وَلَا مَنْ مَعَهُ كِتَابٌ وَلَوْ كَانَ مُصْحَفًا أَوْ حَدِيثًا؛ كَمَا حَكَى النصرباذي أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: يَدَعُ عِلْمَ الْخِرَقِ وَيَأْخُذُ عِلْمَ الْوَرَقِ قَالَ: وَكُنْت أَسْتُرُ أَلْوَاحِي مِنْهُمْ فَلَمَّا كَبِرْت احْتَاجُوا إلَى عِلْمِي. وَكَذَلِكَ حَكَى السَّرِيُّ السقطي: أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ دَخَلَ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى عِنْدَهُ مِحْبَرَةً وَقَلَمًا خَرَجَ وَلَمْ يَقْعُدْ عِنْدَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ