للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرَّقَ بَيْنَ حَقِيقَةِ الظِّهَارِ؛ وَحَقِيقَةِ الْإِيلَاءِ وَحَقِيقَةِ الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّ هَذَا عَلِمَ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فَلَمْ يُدْخِلْ فِي الْحُدُودِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ مَا هُوَ فِيهِ. وَكَذَلِكَ " الِافْتِدَاءُ " لَهُ حَقِيقَةٌ يُبَايِنُ بِهَا مَعْنَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْخِلَ حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ فِي حَقِيقَةِ الِافْتِدَاءِ؛ وَلَا حَقِيقَةَ الِافْتِدَاءِ فِي حَقِيقَةِ الطَّلَاقِ؛ وَإِنْ عَبَّرَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِلَفْظِ الْآخَرِ أَوْ نَوَى بِأَحَدِهِمَا حُكْمَ الْآخَرِ فَهُوَ كَمَا إذَا نَوَى بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ؛ أَوْ الْخُلْعِ: أَنْ تُحَرَّمَ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. فَنِيَّةُ هَذَا الْحُكْمِ بَاطِلٌ؛ وَكَذَلِكَ نِيَّتُهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الثَّلَاثِ بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ إلَّا بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ فَمَنْ نَوَى هَذَا الْحُكْمَ بِغَيْرِ هَذَا الطَّلَاقِ فَقَدْ قَصَدَ مَا يُنَاقِضُ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ كَذَلِكَ مَنْ نَوَى بِالْفُرْقَةِ الْبَائِنَةِ أَنَّ الْفُرْقَةَ نَقْصُ بَعْضٍ مِنْ الثَّلَاثِ فَقَدْ قَصَدَ مَا يُنَاقِضُ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَ قَصَدَ هَذَا أَوْ هَذَا لِجَهْلِهِ بِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِسَائِرِ الْعُقُودِ مَا يُخَالِفُ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيَكُونُ جَاهِلًا بِالسُّنَّةِ؛ فَيُرَدُّ إلَى السُّنَّةِ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إلَى السُّنَّةِ. وَكَمَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ فِيمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا بِكَلِمَةِ: هُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ فَيُرَدُّ إلَى السُّنَّةِ.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُخَالِعِ: {وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً} إذْنٌ لَهُ فِي الطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ بِعِوَضِ وَنَهْيٌ لَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ. كَمَا قَدْ بَيَّنَ دَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ " الطَّلَاقَ السُّنَّةَ " أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُرَاجِعُهَا أَوْ يَدَعُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَأَنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا