عَنْهُ إذَا مَاتَ؟ أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِحَالِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ. فَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا رُخْصَةً إلَّا رُخْصَةَ الْحَصْرِ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِالْحَجِّ؛ بَلْ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْقَى الْحَجُّ غَيْرَ مَشْرُوعٍ لِكَثِيرِ مِنْ النِّسَاءِ. أَوْ أَكْثَرُهُنَّ فِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مَعَ إمْكَانِ أَفْعَالِهَا كُلِّهَا لِكَوْنِهِنَّ يَعْجِزْنَ عَنْ بَعْضِ الْفُرُوضِ فِي الطَّوَافِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا خِلَافُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةَ إيجَابًا أَوْ اسْتِحْبَابًا إذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ مَا يَجِبُ فِيهَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْمَقْدُورُ؛ لِأَجْلِ الْمَعْجُوزِ بَلْ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَذَلِكَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ الطَّوَافِ لَا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا فَكَيْفَ يَسْقُطُ الْحَجُّ بِعَجْزِهِ عَنْ بَعْضِ شُرُوطِ الطَّوَافِ وَأَرْكَانِهِ وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُقَالَ: يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ إذْ الْحَجُّ عِبَارَةٌ عَنْ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ الرُّكْنَيْنِ وَأَجَلُّهُمَا؛ وَلِهَذَا يُشْرَعُ فِي الْحَجِّ وَيُشْرَعُ فِي الْعُمْرَةِ وَيُشْرَعُ مُنْفَرِدًا وَيُشْتَرَطُ لَهُ مِنْ الشُّرُوطِ مَا لَا يُشْتَرَطُ لِلْوُقُوفِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِحَّ الْحَجُّ بِوُقُوفِ بِلَا طَوَافٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute