فَصْلٌ:
لِأَنَّهُ مَا وُجِدَ فِي الْأَمْرِ وَلَوْ وُجِدَ بِالْفِكْرِ وَهَذَا مِثْلُ مَا لَمْ تَرِدْ الشَّرِيعَةُ بِهِ كَأَمْرِ الْأَطْفَالِ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ، وَالْأَعْمَى الْبَصَرَ، وَالْفَقِيرِ النَّفَقَةَ. وَالزَّمِنِ أَنْ يَسِيرَ إلَى مَكَّةَ فَكُلُّ ذَلِكَ مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لَزِمَ الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ فَلَا يُقَيَّدُ الْكَلَامُ فِيهِ. قَالَ: وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى إطْلَاقِ الِاسْمِ مِنْ جَوَازِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ مِنْ زَمِنٍ وَأَعْمَى وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مَذْهَبُ جَهْمٍ وَبُرْغُوثٍ. وَ (الْوَجْهُ الثَّانِي) سَلَامَةُ الْآلَةِ لَكِنَّ عَدَمَ الطَّاقَةِ لِعَدَمِ التَّوْفِيقِ وَالْقَبُولِ وَذَلِكَ يَجُوزُ وَجْهًا وَاحِدًا فِي مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ لِمَنْ قَدَّرَ عِلْمَ اللَّهِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ وَأَبَى ذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى لإبليس {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وَقَوْلُهُ: {أَلَّا تَسْجُدَ إذْ أَمَرْتُكَ} الْآيَاتِ فَأَمْرٌ وَقَدْ سَبَقَ مِنْ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِنْهُ فِعْلُهُ. فَكَانَ الْأَمْرُ مُتَوَجِّهًا إلَى مَا قَدْ سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يُطِيقُهُ. (الْقَوْلُ الثَّانِي) : مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَيْضًا، وَزَعَمَ أَبُو الْمَعَالِي الجُوَيْنِي أَنَّهُ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ أَكْثَرُ أَجْوِبَةِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَنَّهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute