فَصْلٌ:
وَهُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِقَلْبِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ: مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَعْرُوفِ الْمَحْبُوبِ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْآثَارِ مَا يُشْبِهُ الْحُلُولَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا أَنَّهُ حُلُولُ ذَاتِ الْمَعْرُوفِ الْمَحْبُوبِ لَكِنْ هُوَ الْإِيمَانُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى. {نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} الْآيَةَ قَالَ أبي بْنُ كَعْبٍ: " مَثَلُ نُورِهِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ " فَهَذِهِ هِيَ الْأَنْوَارُ الَّتِي تَحْصُلُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} إنَّهُ الْكُفْرُ بِذَلِكَ؛ فَإِنَّ مَنْ كَفَرَ بِالْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْإِسْلَامُ لَهُ: الْمُتَضَمِّنُ لِلِاعْتِقَادِ وَالِانْقِيَادِ لِإِيجَابِ الْوَاجِبَاتِ وَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ وَإِبَاحَةِ الْمُبَاحَاتِ: فَهُوَ كَافِرٌ؛ إذْ الْمَقْصُودُ لَنَا مِنْ إنْزَالِ الْكُتُبِ وَإِرْسَالِ الرُّسُلِ هُوَ حُصُولُ الْإِيمَانِ لَنَا فَمَنْ كَفَرَ بِهَذَا فَهُوَ كَافِرٌ بِذَاكَ وَهَذَا قَدْ يُسَمَّى الْمَثَلَ وَالْمِثَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْعِلْمَ مِثَالُ الْمَعْلُومِ فِي الْعَالَمِ وَكَذَلِكَ الْحُبُّ يَكُونُ فِيهِ تَمْثِيلُ الْمَحْبُوبِ فِي الْمُحِبِّ. ثُمَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ كُلَّ عِلْمٍ وَكُلَّ حُبٍّ فَفِيهِ هَذَا الْمِثَالُ كَمَا يَقُولُهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ حُصُولَ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِلْمِ وَالْحُبِّ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ تَمَثُّلٌ وَتَخَيُّلٌ لِبَعْضِ الْعَالِمِينَ وَالْمُحِبِّينَ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute