للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَأَمَّا كُفْرُهُمْ بِالْمَعْبُودِ: فَإِذَا كَانَ لَهُمْ فِي بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ هَوًى فَقَدْ يَعْبُدُونَهُ بِشُبْهَةِ الْحُلُولِ أَوْ الِاتِّحَادِ الْفَاسِدِ مِثْلَ مَنْ يَعْبُدُ الصُّوَرَ الْجَمِيلَةَ وَيَقُولُ: هَذَا مَظْهَرُ الْجَمَالِ أَوْ الْمَلِكِ الْمُطَاعِ الْجَبَّارِ وَيَقُولُ: هُوَ مَظْهَرُ الْجَلَالِ أَوْ مَظْهَرٌ رَبَّانِيٌّ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ نَوْعٌ مِنْ الِاتِّحَادِ أَوْ الْحُلُولِ الْحَقِّ لَكِنْ يُشْبِهُ مَا فِيهِ الْحَقَّ مِنْ جِهَةٍ؛ إذْ كِلَاهُمَا بِاَللَّهِ وَمِنْ اللَّهِ؛ وَأَنَّهُ لِلَّهِ؛ وَلِهَذَا يُسَوِّي بَيْنَهُمَا أَهْلُ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ الْمُطْلَقِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَهَؤُلَاءِ الِاتِّحَادِيَّةُ وَالْحُلُولِيَّةُ - الَّذِينَ يَخُصُّونَهُ بِبَعْضِ الْمَصْنُوعَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا عِبَادَةٌ وَإِثَابَةٌ -: هُمْ فَرْعٌ عَلَى أُولَئِكَ لَيْسَ مَعَهُمْ مِنْ الْحَقِّ شَيْءٌ وَلَا شُبْهَةُ حَقٍّ كَمَا مَعَ أُولَئِكَ: أَلْفَاظٌ مُتَشَابِهَةٌ عَنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَلَكِنْ مَعَ هَؤُلَاءِ قَوْلُ فِرْعَوْنَ؛ {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} وَ {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرِي} وَقَوْلُ الدَّجَّالِ: " أَنَا رَبُّكُمْ " وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الَّتِي مَعَهُمْ مِنْ أَلْفَاظِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَمَعَهُمْ تَشْبِيهُ الْكَوْنِيَّاتِ بِالدِّينِيَّاتِ وَالْكَوْنِيَّاتُ عَامَّةٌ لَا اخْتِصَاصَ فِيهَا فَلِهَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ أَدْخَلَ فِي الِاتِّحَادِ وَالْحُلُولِ الْمُطْلَقِ مِنْهُمْ فِي الْمُعَيَّنِ اعْتِقَادًا وَقَوْلًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ