وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَزْهَدُ لِطَلَبِ الرَّاحَةِ مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْهَدُ لِمَسْأَلَةِ أَهْلِهَا وَالسَّلَامَةِ مِنْ أَذَاهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْهَدُ فِي الْمَالِ لِطَلَبِ الرَّاحَةِ إلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهَا وَلَا رَسُولُهُ وَإِنَّمَا يَأْمُرُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَنْ يَزْهَدَ فِيمَا لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيَرْغَبَ فِيمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَيَكُونُ زُهْدُهُ هُوَ الْإِعْرَاضُ عَمَّا لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ أَمْرَ إيجَابٍ وَلَا أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ سَوَاءٌ كَانَ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ مُقْبِلًا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَإِلَّا فَتَرْكُ الْمَكْرُوهِ بِدُونِ فِعْلِ الْمَحْبُوبِ لَيْسَ بِمَطْلُوبِ وَإِنَّمَا الْمَطْلُوبُ بِالْمَقْصُودِ الْأَوَّلِ فِعْلُ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَتَرْكُ الْمَكْرُوهِ مُتَعَيَّنٌ كَذَلِكَ بِهِ تَزْكُو النَّفْسُ؛ فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ إذَا انْتَفَتْ عَنْهَا السَّيِّئَاتُ زَكَتْ فَبِالزَّكَاةِ تَطِيبُ النَّفْسُ مِنْ الْخَبَائِثِ وَتَعْظُمُ فِي الطَّاعَاتِ كَمَا أَنَّ الزَّرْعَ إذَا أُزِيلَ عَنْهُ الدَّغَلُ زَكَا وَظَهَرَ وَعَظُمَ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا طَرِيقُ الْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ: فَبِالِاجْتِهَادِ فِي فِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزَن وَإِنْ أَصَابَك شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْت لَكَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute