وَمِمَّا يَبِينُ هَذَا أَنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ: بَلْ يَقُولُونَ: إنَّهُ خَلَقَ ذَلِكَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَهَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةُ عِنْدَهُمْ لَمْ يُحْدِثْهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ يُلْبِسُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَقُولُونَ الْعَالَمُ مُحْدَثٌ يَعْنُونَ بِحُدُوثِهِ أَنَّهُ مَعْلُولٌ عِلَّةً قَدِيمَةً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ مُتَوَلِّدٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ هُوَ أَمْرٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَا يَعْقِلُ. وَأَيْضًا فَمُشْرِكُو الْعَرَبِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ يُقِرُّونَ بِالْمَلَائِكَةِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَجْعَلُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالشَّيَاطِينَ نَوْعًا وَاحِدًا فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ أَسْقَطَهُ وَصَارَ شَيْطَانًا وَيَنْكَرُونَ أَنْ يَكُونَ إبْلِيسُ كَانَ أَبَا الْجِنِّ وَأَنْ يَكُونَ الْجِنُّ يَنْكِحُونَ وَيُولَدُونَ وَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ فَهَؤُلَاءِ النَّصَارَى الَّذِينَ يُنْكِرُونَ هَذَا مَعَ كُفْرِهِمْ هُمْ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا حَقِيقَةَ لِلْمَلَائِكَةِ عِنْدَهُمْ إلَّا مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ أَوْ مِنْ أَعْرَاضٍ تَقُومُ بِالْأَجْسَامِ كَالْقُوَى الصَّالِحَةِ وَكَذَلِكَ الْجِنُّ جُمْهُورُ أُولَئِكَ يُثْبِتُونَهَا فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُثْبِتُ الْجِنَّ وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهَؤُلَاءِ لَا يُثْبِتُونَهَا وَيَجْعَلُونَ الشَّيَاطِينَ الْقُوَى الْفَاسِدَةَ وَأَيْضًا فَمُشْرِكُو الْعَرَبِ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ يَدْعُونَ اللَّهَ وَيَقُولُونَ إنَّهُ يَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ وَيُجِيبُهُمْ. وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْعَالَمِ وَلَا يَسْمَعُ دُعَاءَ أَحَدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute