للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ … يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ إلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ كُلُّهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ} " وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ: كُلُّنَا أَحْمَقُ فِي ذَاتِ اللَّهِ. وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ: أُصِبْنَا فِي ذَاتِ اللَّهِ. وَالْمَعْنَى فِي جِهَةِ اللَّهِ وَنَاحِيَتِهِ؛ أَيْ لِأَجْلِ اللَّهِ وَلِابْتِغَاءِ وَجْهِهِ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ النَّفْسَ. وَنَحْوُهُ فِي الْقُرْآنِ {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وَقَوْلُهُ: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أَيْ الْخَصْلَةِ وَالْجِهَةِ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ بَيْنِكُمْ وَعَلِيمٌ بِالْخَوَاطِرِ وَنَحْوِهَا الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الصُّدُورِ. فَاسْمُ " الذَّاتِ " فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ الْمَحْضَةِ: بِهَذَا الْمَعْنَى. ثُمَّ أَطْلَقَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ وَغَيْرُهُمْ عَلَى " النَّفْسِ " بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي تَقَدَّمَ فَإِنَّهَا صَاحِبَةُ الصِّفَاتِ. فَإِذَا قَالُوا الذَّاتُ فَقَدْ قَالُوا الَّتِي لَهَا الصِّفَاتُ. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ وَغَيْرِ مَرْفُوعٍ " {تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ؛ وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ} " فَإِنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ أَوْ نَظِيرُهُ ثَابِتًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ: فَقَدْ وُجِدَ فِي كَلَامِهِمْ إطْلَاقُ اسْمِ " الذَّاتِ " عَلَى النَّفْسِ كَمَا يُطْلِقُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ. وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْأَصْلُ يَبْقَى " كَالْحَرَكَةِ " وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي بَقَائِهَا كَالطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرِّيحِ وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَبْقَى. وَهَؤُلَاءِ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْأَعْرَاضِ عَلَى حُدُوثِ الْجِسْمِ؛