فَصْلٌ:
وَمَذْهَبُهُمْ فِي الْأَحْكَامِ أَنَّهُمْ يُرَجِّحُونَ جَانِبَ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَيَجْعَلُونَ الْيَمِينَ فِي جَانِبِهِ فَيَقْضُونَ بِالشَّاهِدِ وَيَمِينِ الطَّالِبِ فِي الْحُقُوقِ وَفِي الْقَسَامَةِ يَبْدَءُونَ بِتَحْلِيفِ الْمُدَّعِينَ فَإِنْ حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا اسْتَحَقُّوا الدَّمَ. وَالْكُوفِيُّونَ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُحَلِّفُونَ الْمُدَّعِي لَا فِي قَسَامَةٍ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَا يَقْضُونَ بِشَاهِدِ وَيَمِينٍ وَلَا يَرَوْنَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي. وَمَعْلُومٌ أَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحِيحَةَ تُوَافِقُ مَذْهَبَ الْمَدَنِيِّينَ؛ فَإِنَّ حَدِيثَ الْقَسَامَةِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فِيهِ وَقَدْ {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ} وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَنَحْوُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إذَا نَاظَرُوا عُلَمَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَأَبِي الزِّنَادِ وَغَيْرِهِ فِي الْقَسَامَةِ؛ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِمَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالسُّنَّةِ الَّتِي لَا مَنْدُوحَةَ لَأَحَدٍ عَنْ قَبُولِهَا وَيَقُولُونَ لَهُمْ: إنَّ السُّنَّةَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِي عَلَى خِلَافِ الرَّأْيِ: فَلَا يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا مِنْ قَبُولِهَا. فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ مَرْوِيٍّ بِإِسْنَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute