للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مهران عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ نَشَرَ الْمُصْحَفَ فَقَرَأَ فِيهِ فَدَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَرَأَ فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} إلَى آخِرِ الْآيَةِ فَانْتَعَلَ وَأَخَذَ رِدَاءَهُ ثُمَّ أَتَى إلَى أبي بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَيْت قَبْلُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} وَقَدْ نَرَى أَنَّا نَظْلِمُ وَنَفْعَلُ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا لَيْسَ بِذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ: {إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} إنَّمَا ذَلِكَ الشِّرْكُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَكَذَلِكَ " الْفِسْقُ فسقان ": فِسْقٌ يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ وَفِسْقٌ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ فَيُسَمَّى الْكَافِرُ فَاسِقًا وَالْفَاسِقُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاسِقًا ذَكَرَ اللَّهُ إبْلِيسَ فَقَالَ: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} وَكَانَ ذَلِكَ الْفِسْقُ مِنْهُ كُفْرًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} يُرِيدُ الْكُفَّارَ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} وَسُمِّيَ الْفَاسِقُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاسِقًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْإِسْلَامِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} فَقَالَتْ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الْفُسُوقِ هَاهُنَا: هِيَ الْمَعَاصِي. قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ الظُّلْمُ ظلمين وَالْفِسْقُ فسقين كَذَلِكَ الْكُفْرُ كُفْرَانِ: