فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَسَائِرِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّات. وَمِنْ الْمَكْرُوهَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا نَهْيَ حَظْرٍ أَوْ نَهْيَ تَنْزِيهٍ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: عَقْلِيٍّ وملي وَشَرْعِيٍّ. وَالْمُرَادُ بِالْعَقْلِيِّ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعَقْلِ مِنْ بَنِي آدَمَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُمْ صِلَةُ كِتَابٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَالْمُرَادُ بالْمِلِّي: مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمِلَلِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ وَالْمُرَادُ بِالشَّرْعِيِّ مَا اخْتَصَّ بِهِ أَهْلُ الشَّرِيعَةِ الْقُرْآنِيَّةِ وَهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخُصُّ مِنْ ذَلِكَ مَا اخْتَصَّ بِهِ أَهْلُ مَذْهَبٍ أَوْ أَهْلُ طَرِيقَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. لَكِنَّ هَذَا التَّخْصِيصَ وَالِامْتِيَازَ لَا تُوجِبُهُ شَرِيعَةُ الرَّسُولِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا قَدْ تُوجِبُهُ مَا قَدْ تُوجِبُ بِتَخْصِيصِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَالْعُبَّادِ وَالْأُمَرَاءِ فِي اسْتِفْتَاءٍ أَوْ طَاعَةٍ كَمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ كُلِّ غَزَاةٍ طَاعَةُ أَمِيرِهِمْ وَأَهْلِ كُلِّ قَرْيَةٍ اسْتِفْتَاءُ عَالِمِهِمْ الَّذِي لَا يَجِدُونَ غَيْرَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمَا مِنْ أَهْلِ شَرِيعَةٍ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا وَفِي شَرْعِهِمْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ فَإِنَّ مَأْمُورَاتِهِمْ وَمَنْهِيَّاتِهِمْ تَنْقَسِمُ إلَى مَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ وَمَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ. وَأَمَّا السِّيَاسَاتُ الْمَلَكِيَّةُ الَّتِي لَا تَتَمَسَّكُ بِمِلَّةِ وَكِتَابٍ: فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فَإِنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ فِي كُلِّ سِيَاسَةٍ وَإِمَامَةٍ. وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ لِكُلِّ مَلِكٍ مِنْ خَصِيصَةٍ يَتَمَيَّزُ بِهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute