يَشْتَرِطْ فِي الْمَمْسُوحِ أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا لِجَمِيعِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَأَوْجَبَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالشَّافِعِيُّ أَيْضًا يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ كَمَا يَسْتَحِبُّهُ أَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي اللِّبَاسِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ سَوَاءٌ سَتَرَ جَمِيعَ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ لَمْ يَسْتُرْهُ. وَالْخِفَافُ قَدْ اُعْتِيدَ فِيهَا أَنْ تُلْبَسَ مَعَ الْفَتْقِ وَالْخَرْقِ وَظُهُورِ بَعْضِ الرِّجْلِ؛ وَأَمَّا مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ فَذَاكَ لَيْسَ بِخُفِّ أَصْلًا وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّعْلَيْنِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنُبَيِّنُ نَسْخَ الْأَمْرِ بِالْقَطْعِ؛ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ حِينَ لَمْ يُشْرَعْ الْبَدَلُ أَيْضًا.
فَالْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ دَلِيلِهِمْ - وَهُوَ قَوْلُهُمْ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ - مَمْنُوعٌ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد؛ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يُجْمَعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغَسْلِ فِيمَا إذَا أَمْكَنَ غَسْلُ بَعْضِ الْبَدَنِ دُونَ الْبَعْضِ؛ لِكَوْنِ الْبَاقِي جَرِيحًا؛ أَوْ كَوْنِ الْمَاءِ قَلِيلًا وَيُجْمَعُ بَيْنَ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ مَعَ الْعِمَامَةِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ؛ فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ كَمَا أَوْجَبَ غَسْلَ جَمِيعِ الْبَدَنِ: أَمْكَنَ أَنْ يَغْسِلَ مَا ظَهَرَ وَيَمْسَحَ مَا بَطَنَ؛ كَمَا يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجَبِيرَةِ؛ فَإِنَّهُ إذَا رَبَطَهَا عَلَى بَعْضِ مَكَانِ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَغَسَلَ أَوْ مَسَحَ مَا بَيْنَهُمَا فَجَمَعَ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ سُقُوطَ غَسْلِ مَا ظَهَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute