للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ:

عَنْ جَمَاعَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَى أُمُورٍ مُتَنَوِّعَةٍ مِنْ الْفَسَادِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ غَايَةَ التَّحْقِيقِ وَكَمَالَ سُلُوكِ الطَّرِيقِ تَرْكَ التَّكْلِيفِ. بِحَيْثُ أَنَّهُ إذَا أُلْزِمَ بِالصَّلَاةِ يَقُومُ وَيَقُولُ: خَرَجْنَا مِنْ الْحَضْرَةِ وَوَقَفْنَا بِالْبَابِ.

فَأَجَابَ:

أَمَّا مَنْ جَعَلَ كَمَالَ التَّحْقِيقِ الْخُرُوجَ مَنْ التَّكْلِيفِ. فَهَذَا مَذْهَبُ الْمَلَاحِدَةِ مَنْ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَمَنْ شَابَهَهُمْ مَنْ الْمَلَاحِدَةِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى عِلْمٍ أَوْ زُهْدٍ أَوْ تَصَوُّفٍ أَوْ تَزَهُّدٍ يَقُولُ: أَحَدُهُمْ إنَّ الْعَبْدَ يَعْمَلُ حَتَّى تَحْصُلَ لَهُ الْمَعْرِفَةُ فَإِذَا حَصَلَتْ زَالَ عَنْهُ التَّكْلِيفُ وَمَنْ قَالَ: هَذَا فَإِنَّهُ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ جَارٍ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ قَالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} . قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لِعَمَلِ الْمُؤْمِنِ غَايَةً دُونَ الْمَوْتِ؛ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ. وَ " الْيَقِينُ " هُنَا مَا بَعْدَ الْمَوْتِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي