للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُؤْتَمُّ بِهِ فَإِذَا كَانَ إمَامُهُمْ رَأَوْهُ وَكَانَ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ أَكْمَلَ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَقِفُ وَحْدَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهَا الِاصْطِفَافُ؛ لَكِنَّ قَضِيَّةَ الْمَرْأَةِ تَدُلُّ عَلَى شَيْئَيْنِ. تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ خَلْفَ الصَّفِّ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ وَتَعَذَّرَ الدُّخُولُ فِي الصَّفِّ صَلَّى وَحْدَهُ لِلْحَاجَةِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَاتِ تَسْقُطُ لِلْحَاجَةِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُصَافَّ غَيْرَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ سَقَطَ لِلْحَاجَةِ؛ كَمَا سَقَطَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ فِي مِثْلِ صَلَاةِ الْخَوْفِ مُحَافَظَةً عَلَى الْجَمَاعَةِ. وَطُرِدَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ إلَّا قُدَّامَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي هُنَا لِأَجْلِ الْحَاجَةِ أَمَامَهُ وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَإِنْ كَانُوا لَا يُجَوِّزُونَ التَّقَدُّمَ عَلَى الْإِمَامِ إذَا أَمْكَنَ تَرْكُ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ. وَفِي الْجُمْلَةِ: فَلَيْسَتْ الْمُصَافَّةُ أَوْجَبَ مِنْ غَيْرِهَا فَإِذَا سَقَطَ غَيْرُهَا لِلْعُذْرِ فِي الْجَمَاعَةِ فَهِيَ أَوْلَى بِالسُّقُوطِ. وَمِنْ الْأُصُولِ الْكُلِّيَّةِ أَنْ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ سَاقِطُ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْمُضْطَرَّ إلَيْهِ بِلَا مَعْصِيَةٍ غَيْرُ مَحْظُورٍ فَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ