للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي أَوَّلِ السُّورَةِ أُصُولَ النِّعَمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} . وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ مَقْصُودَ الثِّيَابِ تُشْبِهُ مَقْصُودَ الْمَسَاكِنِ وَالنِّسَاءُ مَأْمُورَاتٌ فِي هَذَا بِمَا يَسْتُرُهُنَّ وَيَحْجُبُهُنَّ فَإِذَا اخْتَلَفَ لِبَاسُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَمَّا كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَقْصُودِ الِاسْتِتَارِ وَالِاحْتِجَابِ: كَانَ لِلنِّسَاءِ وَكَانَ ضِدُّهُ لِلرِّجَالِ. وَأَصْلُ هَذَا: أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الشَّارِعَ لَهُ مَقْصُودَانِ:

أَحَدُهُمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. والثَّانِي احْتِجَابُ النِّسَاءِ. فَلَوْ كَانَ مَقْصُودُهُ مُجَرَّدَ الْفَرْقِ لَحَصَلَ ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ بِهِ الِاخْتِلَافُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فَسَادُ ذَلِكَ بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِاللِّبَاسِ إظْهَارُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِيَتَرَتَّبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ مَا يُنَاسِبُهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا يَحْصُلُ بِأَيِّ لِبَاسٍ اصْطَلَحَتْ الطَّائِفَتَانِ عَلَى التَّمَيُّزِ بِهِ وَمَعَ هَذَا فَقَدَ رُوعِيَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْفَرْقِ فَإِنَّ لِبَاسَ الْأَبْيَضِ لَمَّا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ. كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ فَلْيَلْبَسْهُ أَحْيَاؤُكُمْ. وَكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ} " لَمْ يَكُنْ