للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} لَا يُنَافِي ذَلِك. بَلْ " الْحَسَنَةُ " أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا وَبِثَوَابِهَا و " السَّيِّئَةُ " هِيَ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ نَاشِئَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} فَمِنْ الْمَخْلُوقَاتِ مَا لَهُ شَرٌّ، وَإِنْ كَانَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ. وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: الطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ هُمَا مِنْ أَحْدَاثِ الْإِنْسَانِ، بِدُونِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ هَذَا فَاعِلًا وَهَذَا فَاعِلًا، وَبِدُونِ أَنْ يَخُصَّ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِنِعْمَةِ وَرَحْمَةٍ أَطَاعَهُ بِهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ.

فَصْلٌ:

فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الطَّاعَاتُ وَالْمَعَاصِي مُقَدَّرَةً، وَالنِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ مُقَدَّرَةً. فَلِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ، الَّتِي هِيَ النِّعَمُ، وَالسَّيِّئَاتِ، الَّتِي هِيَ الْمَصَائِبُ؟ فَجَعَلَ هَذِهِ مِنْ اللَّهِ، وَهَذِهِ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ؟ . قِيلَ: لِفَرُوقِ بَيْنَهُمَا: