للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَطَعَ بِأَنَّ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ إمَّا بَاطِلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَإِمَّا مُغَيَّرٌ عَنْ وَجْهِهِ وَأَنَّ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ بَلَّغَهُ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِصَحِيحِ فَحَصَلَتْ الْآفَةُ مِنْ انْقِطَاعِ إسْنَادِهِ. وَقِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَوْ كَانَ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ لَكَانَ شَاذًّا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا رَوَاهُ النَّاسُ الثِّقَاتُ الأثبات عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِنْ شَرْطِ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ أَنْ لَا يَكُونَ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا وَهَذَا شَاذٌّ مُعَلَّلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سُوءِ حِفْظِ بَعْضِ رُوَاتِهِ.

وَالْعُمْدَةُ الَّتِي اعْتَمَدَهَا الْمُصَنِّفُونَ فِي الْجَهْرِ بِهَا وَوُجُوبِ قِرَاءَتِهَا إنَّمَا هُوَ كِتَابَتُهَا فِي الْمُصْحَفِ بِقَلَمِ الْقُرْآنِ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ جَرَّدُوا الْقُرْآنَ عَمَّا لَيْسَ مِنْهُ. وَاَلَّذِينَ نَازَعُوهُمْ دَفَعُوا هَذِهِ الْحُجَّةَ بِلَا حَقٍّ كَقَوْلِهِمْ: الْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِقَاطِعِ وَلَوْ كَانَ هَذَا قَاطِعًا لَكَفَرَ مُخَالِفُهُ. وَقَدْ سَلَكَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ الطَّيِّبِ الْبَاقِلَانِي وَغَيْرُهُ هَذَا الْمَسْلَكَ وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ بِخَطَأِ الشَّافِعِيِّ فِي كَوْنِهِ جَعَلَ الْبَسْمَلَةَ مِنْ الْقُرْآنِ مُعْتَمِدِينَ عَلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْقُرْآنِ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَلَا تَوَاتُرَ هُنَا فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِنَفْيِ كَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ هَذِهِ الْحُجَّةَ مُقَابَلَةٌ بِمِثْلِهَا فَيُقَالُ لَهُمْ: بَلْ يُقْطَعُ