كَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابٍ وَأَبِي الْعَبَّاسِ القلانسي وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَانِي وَأَبِي بَكْرِ بْنِ فورك وَأَبِي إسْحَاقَ الإسفراييني وَالْأُسْتَاذِ أَبِي الْمَعَالِي الجُوَيْنِي وَأَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ وَكَذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَرَّامٍ وَأَصْحَابُهُ: كَابْنِ الْهَيْصَمِ وَسَائِرِ مُتَكَلِّمِي أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: كَأَبِي مَنْصُورٍ الماتريدي. وَغَيْرِهِ وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِي وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَاتَّبَعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِي. وَاحْتِجَاجُهُمْ بِقِصَّةِ أَبِي لَهَبٍ حُجَّةٌ بَاطِلَةٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ أَبَا لَهَبٍ بِالْإِيمَانِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ السُّورَةُ فَلَمَّا أَصَرَّ وَعَانَدَ اسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ كَمَا اسْتَحَقَّ قَوْمُ نُوحٍ حِينَ قِيلَ لَهُ: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} وَحِينَ اسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ أَخْبَرَ اللَّهُ بِالْوَعِيدِ الَّذِي يَلْحَقُهُ وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ مَأْمُورًا أَمْرًا يُطْلَبُ بِهِ مِنْهُ ذَلِكَ وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِأَنَّ الْأَفْعَالَ الْمَأْمُورَ بِهَا مَشْرُوطَةٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَالْقُدْرَةِ كَمَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ} .
وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ وَاجِبَاتِهَا: كَالْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ. وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا إذَا أَرَادَ فِعْلَهُ إرَادَةً جَازِمَةً أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ مِثْلِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute