للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أَيْ: وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ أَيْ يَتْرُكُونَ الْإِيمَانَ وَنَحْنُ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤْمِنُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ مَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا وَهَذَا حِينَئِذٍ. وَمَنْ فَهِمَ مَعْنَى الْآيَةِ عَرَفَ خَطَأَ مَنْ قَالَ (أَنَّ بِمَعْنَى لَعَلَّ وَاسْتَشْكَلَ قِرَاءَةَ الْفَتْحِ؛ بَلْ يَعْلَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا أَحْسَنُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكَسْرِ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ. وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ. فَقَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّ مُجَرَّدَ الزُّهْدِ وَتَصْفِيَةِ الْقَلْبِ وَرِيَاضَةِ النَّفْسِ تُوجِبُ حُصُولَ الْعِلْمِ بِلَا سَبَبٍ آخَرَ. وَقَوْمٌ يَقُولُونَ: لَا أَثَرَ لِذَلِكَ بَلْ الْمُوجِبُ لِلْعِلْمِ الْعِلْمُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ الْعَقْلِيَّةِ. وَأَمَّا الْوَسَطُ: فَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ مُعَاوَنَةً عَلَى نَيْلِ الْعِلْمِ؛ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي حُصُولِ كَثِيرٍ مِنْ الْعِلْمِ وَلَيْسَ هُوَ وَحْدَهُ كَافِيًا؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ إمَّا الْعِلْمِ بِالدَّلِيلِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا بِهِ