للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَأَمَّا " الْإِقَامَةُ " فَهِيَ خِلَافُ السَّفَرِ فَالنَّاسُ رَجُلَانِ مُقِيمٌ وَمُسَافِرٌ. وَلِهَذَا كَانَتْ أَحْكَامُ النَّاسِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَحَدَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ: إمَّا حُكْمُ مُقِيمٍ وَإِمَّا حُكْمُ مُسَافِرٍ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إقَامَتِكُمْ} فَجَعَلَ لِلنَّاسِ يَوْمَ ظَعْنٍ وَيَوْمَ إقَامَةٍ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الصَّوْمَ وَقَالَ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فَمَنْ لَيْسَ مَرِيضًا وَلَا عَلَى سَفَرٍ فَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُقِيمُ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ} فَمَنْ لَمْ يُوضَعْ عَنْهُ الصَّوْمُ وَشَطْرُ الصَّلَاةِ فَهُوَ الْمُقِيمُ. وَقَدْ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ بِمَكَّةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ سِتَّةَ أَيَّامٍ بِمِنَى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُسَافِرِينَ وَأَقَامَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. وَمَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ أَنَّ مَا كَانَ يَفْعَلُ بِمَكَّةَ وَتَبُوكَ لَمْ يَكُنْ يَنْقَضِي فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا أَرْبَعَةٍ حَتَّى يُقَالَ: