وَقُلْت أَيْضًا: فِي غَيْرِ هَذَا الْمَجْلِسِ: الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا انْتَهَى إلَيْهِ مِنْ السُّنَّةِ وَنُصُوصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مِمَّا انْتَهَى إلَى غَيْرِهِ وَابْتُلِيَ بِالْمِحْنَةِ وَالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ: كَانَ كَلَامُهُ وَعِلْمُهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَكْثَرَ مَنْ غَيْرِهِ فَصَارَ إمَامًا فِي السُّنَّةِ أَظْهَرَ مَنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَغَارِبَةِ - الْعُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ - قَالَ: الْمَذْهَبُ لِمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَالظُّهُورُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَعْنِي أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ وَدَفْعِ الْبَاطِلِ مَا لَيْسَ لِبَعْضِ وَلَمَّا جَاءَ فِيهَا: وَمَا وَصَفَ بِهِ النَّبِيُّ رَبَّهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ: الَّتِي تَلَقَّاهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ وَلَمَّا جَاءَ حَدِيثُ أَبَى سَعِيدٍ - الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: " {يَا آدَمَ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وسعديك. فَيُنَادِي بِصَوْتِ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تَبْعَثَ بَعْثًا إلَى النَّارِ} الْحَدِيثَ - سَأَلَهُمْ الْأَمِيرُ هَلْ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ؟ فَقُلْت: نَعَمْ. هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَاحْتَاجَ الْمُنَازِعُ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ وَوَافَقَ الْجَمَاعَةُ عَلَى ذَلِكَ.
وَطَلَبَ الْأَمِيرُ الْكَلَامَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَرْفِ وَالصَّوْتِ، لِأَنَّ ذَلِكَ طَلَبٌ مِنْهُ
فَقُلْت: هَذَا الَّذِي يَحْكِيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ صَوْتَ الْقَارِئِينَ وَمِدَادَ الْمَصَاحِفِ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ - كَمَا نَقَلَهُ فَخْرُ الْدِّينِ بْنُ الْخَطِيبِ (*)
(*) في المطبوع: مجد الدين ابن الخطيب والتصحيح من: صيانة مجموع الفتاوى ص ٢٥٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute