وَقَالَ: هَذِهِ تَفْسِيرُ آيَاتٍ أُشْكِلَتْ حَتَّى لَا يُوجَدُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ إلَّا مَا هُوَ خَطَأٌ فِيهَا.
مِنْهَا قَوْلُهُ: {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} حَارَ فِيهَا كَثِيرٌ وَالصَّوَابُ الْمَأْثُورُ عَنْ السَّلَفِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: الشَّيْطَانُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمْ أَوْلَى بِالشَّيْطَانِ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ. فَبَيَّنَ الْمُرَادَ فَإِنَّهُ يَتَكَلَّمُ عَلَى اللَّفْظِ كَعَادَةِ السَّلَفِ فِي الِاخْتِصَارِ مَعَ الْبَلَاغَةِ وَفَهْمِ الْمَعْنَى. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْمَجْنُونُ. فَإِنَّ مَنْ كَانَ بِهِ الشَّيْطَانُ فَفِيهِ الْجُنُونُ. وَعَنْ الْحَسَنِ: الضَّالُّ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِالْمَجْنُونِ الَّذِي يَخْرِقُ ثِيَابَهُ وَيَهْذِي؛ بَلْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَ أَهْلَ الْعَقْلِ فِي نَظَرِهِمْ كَمَا يُقَالُ مَا لِفُلَانِ عَقْلٌ. وَمِثْلُ هَذَا رَمَوْا بِهِ أَتْبَاعَ الْأَنْبِيَاءِ كَقَوْلِهِ: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} وَمِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَثِيرٌ يَسْخَرُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَيَرْمُونَهُمْ بِالْجُنُونِ وَالْعَظَائِمِ الَّتِي هُمْ أَوْلَى بِهَا مِنْهُمْ. قَالَ الْحَسَنُ لَقَدْ رَأَيْت رِجَالًا لَوْ رَأَيْتُمُوهُمْ لَقُلْتُمْ مَجَانِينَ وَلَوْ رَأَوْكُمْ لَقَالُوا هَؤُلَاءِ شَيَاطِينُ وَلَوْ رَأَوْا خِيَارَكُمْ لَقَالُوا هَؤُلَاءِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ وَلَوْ رَأَوْا شِرَارَكُمْ لَقَالُوا هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute