للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا فِي الرَّسُولِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ قَوْلُهُمْ فِي أَتْبَاعِهِ " مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ " مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؟ . وَمَنْ كَانَ هَذَا أَصْلَ قَوْلِهِ فِي الرَّسُولِ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ: كَانَ مُخَالِفًا لَهُمْ لَا مُوَافِقًا لَا سِيَّمَا إذَا أَظْهَرَ النَّفْيَ الَّذِي كَانَ الرَّسُولُ وَخَوَاصُّ أَصْحَابِهِ عِنْدَهُ يُبْطِنُونَهُ وَلَا يُظْهِرُونَهُ. فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُمْ أَيْضًا. وَهَذَا الْمَسْلَكُ يَرَاهُ عَامَّةُ الْنُّفَاةِ كَابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ وَغَيْرِهِ. وَفِي كَلَامِ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ مِنْ هَذَا قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ. وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَمْثَالُهُ قَدْ يَقُولُونَ أَحْيَانًا هَذَا لَكِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ الْغَالِبُ عَلَيْهِ إذَا خَرَجَ عَنْ السُّنَّةِ أَنْ يَمِيلَ إلَى التَّجَهُّمِ وَالِاعْتِزَالِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ؛ بِخِلَافِ آخِرِ مَا كَانَ عَلَيْهِ. فَقَدْ خَرَجَ إلَى السُّنَّةِ الْمَحْضَةِ.

وَأَبُو حَامِدٍ يَمِيلُ إلَى الْفَلْسَفَةِ لَكِنَّهُ أَظْهَرَهَا فِي قَالَبِ التَّصَوُّفِ وَالْعِبَارَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَلِهَذَا رَدَّ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَخَصُّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: " شَيْخُنَا أَبُو حَامِدٍ دَخَلَ فِي بَطْنِ الْفَلَاسِفَةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُمْ فَمَا قَدَرَ " وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ مِنْ الْقَوْلِ بِمَذَاهِبِ الْبَاطِنِيَّةِ مَا يُوجَدُ تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ الْمَذْكُورُونَ قَبْلُ.