وَأَمَّا مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ الْوَرَقَ وَالْجِلْدَ وَالْوَتَدَ وَقِطْعَةً مِنْ الْحَائِطِ: كَلَامُ اللَّهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ: مَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْقُرْآنِ وَلَا هُوَ كَلَامُهُ. هَذَا الْغُلُوُّ مِنْ جَانِبِ الْإِثْبَاتِ يُقَابِلُ التَّكْذِيبَ مِنْ جَانِبِ النَّفْيِ وَكِلَاهُمَا خَارِجٌ عَنْ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَكَذَلِكَ إفْرَادُ الْكَلَامِ فِي النُّقْطَةِ وَالشَّكْلَةِ بِدْعَةٌ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَإِنَّهَا حَدَثَتْ هَذِهِ الْبِدْعَةُ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ بِقَلِيلِ فَإِنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمِدَادَ الَّذِي تُنَقَّطُ بِهِ الْحُرُوفُ وَيُشَكَّلُ بِهِ قَدِيمٌ فَهُوَ ضَالٌّ جَاهِلٌ وَمَنْ قَالَ: إنَّ إعْرَابَ حُرُوفِ الْقُرْآنِ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ. بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ حُرُوفُهُ بِإِعْرَابِهَا كَمَا دَخَلَتْ مَعَانِيهِ، وَيُقَالُ: مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ جَمِيعُهُ كَلَامُ اللَّهِ. فَإِنْ كَانَ الْمُصْحَفُ مَنْقُوطًا مَشْكُولًا أُطْلِقَ عَلَى مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ جَمِيعِهِ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُوطٍ وَلَا مَشْكُولٍ: كَالْمَصَاحِفِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي كَتَبَهَا الصَّحَابَةُ؛ كَانَ أَيْضًا مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُلْقَى الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرِ مُحْدَثٍ وَنِزَاعٍ لَفْظِيٍّ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثُ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute