وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً حُرَّةً لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُ الْحَاكِمِ فَجَاءَ بِشُهُودِ وَهُوَ يَعْلَمُ فِسْقَ الشُّهُودِ؛ لَكِنْ لَوْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ قَبْلَهُمْ: فَهَلْ يَصِحُّ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ بِشَهَادَتِهِمْ؟ وَإِذَا صَحَّ هَلْ يُكْرَهُ؟
فَأَجَابَ:
نَعَمْ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَالْحَالُ هَذِهِ. و " الْعَدَالَةُ " الْمُشْتَرَطَةُ فِي شَاهِدَيْ النِّكَاحِ إنَّمَا هِيَ أَنْ يَكُونَا مَسْتُورَيْنِ غَيْرَ ظَاهِرَيْ الْفِسْقِ وَإِذَا كَانَا فِي الْبَاطِنِ فَاسِقَيْنِ وَذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ بَلْ ظَاهِرُهُمَا السَّتْرُ انْعَقَدَ النِّكَاحُ بِهِمَا فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ: فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا؛ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ فِي شَاهِدَيْ النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَا مُعَدَّلَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمَا صَحَّ نِكَاحُ أَكْثَرِ النَّاسِ إلَّا بِذَلِكَ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ النَّاسَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ كَانُوا يَعْقِدُونَ الْأَنْكِحَةَ بِمَحْضَرِ مِنْ بَعْضِهِمْ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَاضِرُونَ مُعَدَّلَيْنِ عِنْدَ أُولِي الْأَمْرِ. وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَالَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا مُبْرِزَيْ الْعَدَالَةِ: فَهَؤُلَاءِ شُهُودُ الْحُكَّامِ معدلون عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ فَاسِقٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَتِهِمْ وَإِنْ كَانُوا فِي الْبَاطِنِ فُسَّاقًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute