للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُورَةُ الْكَوْثَرِ

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ تَيْمِيَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

" سُورَةُ الْكَوْثَرِ " مَا أَجَلَّهَا مِنْ سُورَةٍ وَأَغْزَرُ فَوَائِدِهَا عَلَى اخْتِصَارِهَا وَحَقِيقَةُ مَعْنَاهَا تُعْلَمُ مِنْ آخِرِهَا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَتَرَ شَانِئَ رَسُولِهِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ فَيَبْتُرُ ذِكْرَهُ وَأَهْلَهُ وَمَالَهُ فَيَخْسَرُ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ وَيَبْتُرُ حَيَاتَهُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا يَتَزَوَّدُ فِيهَا صَالِحًا لِمَعَادِهِ وَيَبْتُرُ قَلْبَهُ فَلَا يَعِي الْخَيْرَ وَلَا يُؤَهِّلُهُ لِمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالْإِيمَانِ بِرُسُلِهِ وَيَبْتُرُ أَعْمَالَهُ فَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي طَاعَةٍ وَيَبْتُرُهُ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَا يَجِدُ لَهُ نَاصِرًا وَلَا عَوْنًا. وَيَبْتُرُهُ مِنْ جَمِيعِ الْقُرَبِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلَا يَذُوقُ لَهَا طَعْمًا وَلَا يَجِدُ لَهَا حَلَاوَةً وَإِنْ بَاشَرَهَا بِظَاهِرِهِ فَقَلْبُهُ شَارِدٌ عَنْهَا. وَهَذَا جَزَاءُ مَنْ شَنَأَ بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّهُ لِأَجْلِ هَوَاهُ أَوْ مَتْبُوعِهِ أَوْ شَيْخِهِ أَوْ أَمِيرِهِ أَوْ كَبِيرِهِ. كَمَنْ شَنَأَ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَتَأَوَّلَهَا عَلَى غَيْرِ مُرَادِ اللَّهِ