" وَالْوَجْهِ الثَّالِثِ ": أَنَّ الْوَلِيَّ قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا فِي دَعْوَى الِاسْتِئْذَانِ؛ وَأَنْ يَحْتَالَ بِذَلِكَ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ قَدْ زَوَّجَهَا وَأَنْ يَظُنَّ الْجُهَّالُ أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ بِدُونِ ذَلِكَ إذَا كَانَ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّهَا إذَا زُوِّجَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ صَارَتْ زَوْجَةً. فَيُفْضِي إلَى قَهْرِهَا وَجَعْلِهَا زَوْجَةً بِدُونِ رِضَاهَا. وَأَمَّا " الْعَاقِدُ " الَّذِي هُوَ نَائِبُ الْحَاكِمِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُزَوِّجَ لَهَا بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا؛ لَا بِطْرِيقِ الْوَكَالَةِ لِلْوَلِيِّ؛ فَلَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ أَذِنَتْ. وَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ شَاهِدًا عَلَى الْعَقْدِ. وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِدُونِ إذْنِهَا فَهُوَ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ. وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إذْنِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ بِنْتٍ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِمَكْرُوهِ وَلَمْ يُعْقَدْ عَلَيْهَا عَقْدٌ قَطُّ وَطَلَبَهَا مَنْ يَتَزَوَّجُهَا؛ فَذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ: فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِمَا ذُكِرَ إذَا شَهِدَ الْمَعْرُوفُونَ أَنَّهَا بِنْتٌ؛ لِتَسْهِيلِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ:
إذَا شَهِدُوا أَنَّهَا مَا زُوِّجَتْ كَانُوا صَادِقِينَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَلْبِيسٌ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِعِلْمِهِ بِالْحَالِ. وَيَنْبَغِي اسْتِنْطَاقُهَا بِالْأَدَبِ؛ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَنَازِعُونَ: هَلْ إذْنُهَا إذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِالزِّنَا: الصَّمْتُ أَوْ: النُّطْقُ. و " الْأَوَّلُ " مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ وَأَحْمَد كَصَاحِبِي أَبِي حَنِيفَةَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ إذْنُهَا الصُّمَاتُ كَاَلَّتِي لَمْ تَزُلْ عُذْرَتُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute